Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
علم بجد

علم بجد – مقال 16

الانفجار الكامبري

الانفجار الكامبري .. لغز بلا حل

تعرضنا في المقال السابق لبعض الانفجارات الأحيائية ما قبل الكامبري، واليوم في هذا المقال نعرض للانفجار الكامبري .. أحد أشهر الانفجارات الأحيائية، والرابع في سلسلة الانفجارات الأحيائية التي سنعرضها.

الانفجار الكامبري (535 – 515 مليون سنة مضت)

هذا الحدث هو الأكثر شهرة بين الأحداث الفجائية لظهور الأحياء في التاريخ وهو ما يطلق عليه البعض (الانفجار الكبير للتطور – Evolution Big Bang). حدث ذلك الحدث الانفجاري في الفترة الزمنية بين 535 مليون سنة إلى 515 مليون سنة مضت، وظهرت الدفعة الرئيسية من الكائنات خلالها في فترة خمسة ملايين سنة فقط (77).
في الانفجار الكامبري، نجد أن معظم المخططات الجسمية الرئيسية للحيوانات، مثل الفقاريات والمفصليات والرخويات، قد ظهرت للوجود.
من بين ثمانية وعشرين تركيباً جسمانياً موجودين حاليا، فإن واحداً وعشرين منهم ظهروا في الانفجار الكامبري، ظهروا فجأة وبلا مؤشرات تدريجية من الطبقات السابقة، ولا خط متسلسل من مجموعات من الأسلاف.
وإن نظرة عابرة للفرق بين الحيوانات التي ظهرت في العصر السابق (العصر الإدياكاري) والتي كانت تمتاز بنمط نمو تشعبي غير منتظم، وبين الحيوانات الكامبرية ثنائية التناظر، تخبرنا بوضوح أن النمط الجسدي مختلف بين كائنات الحقبتين. ولا يوجد بينهما أية أشكال وسيطة ولا مراحل انتقالية توضح كيف تم الانتقال من أحد الأنماط إلى الآخر.
ظهر في الانفجار الكامبري العديد من الشعب الأحيائية المختلفة، مثل (ذراعيات الأرجل – Brachiopods)، و (ثلاثيات الفصوص – Trilobites) وهي مختلفة عن بعضها في التشريح الداخلي، والتقسيم الوظيفي، وكلها ذات صفات معقدة ومركبة كالأرجل المفصلية، والعيون المركبة. لكن كما يخبرنا عالم الأحياء التطوري (جيمس فالانتين – James Valantine) فإن “هناك عدد من أحفوريات الرخويات وذوات الهياكل المتحجرة في أواخر ما قبل الكامبري أو في العصر الكامبري، التي لا يمكن تصنيفها ضمن الشعب الحية، ولا حتى يمكن اعتبار أي منها سلفًا لأي من الشعب الحية” (78)
حاول التطوريون كثيراً الإفلات من معضلة الكامبري، بادعاء أننا لم نعثر على أشكال وسيطة لأن طبيعة التربة في هذه الفترة لم تمكنها من الاحتفاظ بالأجسام الرخوة. حيث يدّعون أن الحيوانات كانت رخوية وقتها ولم تتحجر ولم تُحفظ! ثم ما لبثت أن “طورت” أجزاء صلبة مثل العظام أو القشور أو القَواقِع…الخ، وتم حفظها في وقت واحد فتظهر وكأنها انفجرت إلى الوجود. لكن ما هو موقع هذا التفسير علمياً؟ هو في الحقيقة ليس تفسيراً، بل مجرد تخيل يحتج بالمجهول. إن افتراض مفاده أننا لم نعثر على أشكال وسيطة لأن الحظ لم يسعفها لتتحجر، هو تماماً كأن تقول: ليس هناك أشكال وسيطة، لأننا لم نعثر على أشكال وسيطة!
بل إن هذا التبرير نفسه يعاني من الكثير من المشاكل، وقد تم دحضه مرارًا وتكرارًا. سنترك واحدة من الدراسات الحديثة تبين تخطئة هذه الفرضية.
في هذه الدراسة قام العلماء بمعاينة السجل الأحفوري لأكبر مجموعة حيوانات معروفة وهي مفصليات الأرجل الحقيقية (Euarthropods)، وهم في ذلك أيضًا قد استخدموا ضوء التطور الدارويني نفسه والنماذج التطورية المطروحة على الساحة. (79)
لكن، وعلى الرغم من ذلك، لم يجدوا بدًا من الاعتراف بأن السجل الأحفوري كامل جدًا، وأنه يعطينا الصورة الحقيقة عن العصر الكامبري، وأنّ عدم وجود حفريات في الحقبة ما قبل الكامبرية (635 – 541 مليون سنة) سببه عدم وجودها حقا (أي أن الحيوانات التي ظهرت في الحقبة الكامبرية لم تتطور من أسلاف سابقة) وليس بسبب عدم حفظها.
يقول الباحثون في الدراسة: ” إن غياب الحيوانات من الصخور منذ العصر الإدياكاري (قبل الكامبري) قد تم تفسيرها بسوء التحجر في هذه الفترة أو بكون الحيوانات كانت صغيرة جدًا لكي تتحجر. إن تلك الفرضيات التي تعتبر التحجر في العصر ما قبل الكامبري غير كاف لحفظ مفصليات الأرجل الحقيقية لم يعد من الممكن دعمها في ضوء كثرة صخور اللاجيرستاتين (صخور رسوبية احتفظت بالعديد من الأنسجة الرخوة من العصر الإدياكاري). كذلك فإن الادعاء بأن مفصليات الأرجل تطورت من حيوانات صغيرة رخوية ولم تتحجر لم يعد من الممكن دعمها أيضًا، بسبب كثرة الفوسفات في العصر الإدياكاري والكامبري الأدنى، مع ظهور مفصليات الأرجل الميكروسكوبية فقط قبل 514 مليون سنة”
بل الأسوأ أن الباحثين في هذه الورقة قد وجدوا أن أقدم الممثلين الحقيقيين للحيوانات المفصلية – والذين يمكن أن يكونوا أجداد المفصليات الحديثة – عمرهم يقرب من 518 مليون سنة، ثم بحثوا عن أقدم أثر للمفصليات الحديثة التي تمتلك حقاً هياكل خارجية وأعين مركبة ووجدوا أن عمرها يقرب من 521 مليون سنة! لقد تبين أنهم أكبر من أجدادهم المفترضين بثلاثة ملايين سنة! وتفسيرهم لظهورها زمنيًا بعد خلفها كما يزعمون هو أنها طرية أو رخوية ويصعب حفظها. أي أنه طبقًا لهذا الافتراض، لم يتم حفظ ولا سلف واحد من آلاف الخطوات لتطور مفصليات الأرجل خلال 20 مليون سنة على الأقل في صخور هم أنفسهم يقولون إنها من أفضل الصخور التي تحفظ الأنسجة الرخوة والكائنات المجهرية.
يقول الدكتور (جريج إيديكومب – Greg Edgecombe) من متحف التاريخ الطبيعي في لندن معلقًا على الدراسة:
“فكرة أن مفصليات الأرجل غائبة في سجل الأحافير قبل الكامبري بسبب تحيز في طريقة التحجر يمكن الآن رفضها.. أصحاب هذه الدراسة قاموا بتقديم قضية مقنعة جدًا عن تشابه طريقة التحجر في الحقبتين قبل الكامبرية والكامبرية. هناك حقاً تفسير واحد فقط لعدم وجود مفصليات الأرجل (في العصر ما قبل الكامبري يعني) وهو أنها لم تكن قد تطورت بعد (لم تكن موجودة)” (80)
في الصورة بعض أشكال الكائنات التي ظهرت خلال الحقبة الكامبرية
cambrian
المصدر
(77) Zhuravlev, Andrey; Riding, Robert, 2000, The Ecology of the Cambrian Radiation, Columbia University Press(78) Valentine, J.W. (1977) "General Patterns of Metazoan Evolution" in Patterns of Evolution as Illustrated by the Fossil Record, ed A. Hallam, Elsevier Scientific Pub Co, Amsterdam, pp27-57(79) Allison C. Daley, Jonathan B. Antcliffe, Harriet B. Drage, and Stephen Pates, 2018, PNAS, 115 (21), PP 5323-5331(80) University of Oxford, 2018, Major fossil study sheds new light on emergence of early animal life 540 million years ago

أشرف قطب

حاصل على بكالوريوس العلوم في تخصص الكيمياء الحيوية من جامعة بنها في مصر، وماجستير العلوم في إدارة نظم المعلومات، وماجستير الإدارة في تخصص إدارة المعلومات، وماجستير العلوم في إدارة النظم الهندسية، من جامعة ليستر في بريطانيا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى