التطور والداروينية

التطور وحرب النجوم

حين يشرح التطور كل شئ ولا شئ

حين يصل التطور إلى حرب النجوم!

لعلك عزيزي القارئ تتعجب من عنوان المقال، لكن لا تتعجب بالمرة .. فالتطور حسب التطوريين يمكنه أن يشرح “كل شيء” حتى إعجاب المشاهدين بشخصية كرتونية من سلسلة أفلام حرب النجوم (Star Wars) .. فكما نعلم، لا يوجد شيء في الخيال العلمي يمكن فهمه إلا في ضوء نظرية التطور!
هذه المرة تأتينا مزحة التطور الجديدة من المقال “العلمي” المنشور في جريدة “وول ستريت جورنال” مستشهداً بإحدى الدراسات التطورية .. المقال يحاول وضع تفسير تطوري عن لماذا يحب مشاهدوا إحدى المسلسلات الأمريكية شخصية الصغير (يودا)! حيث تقول الكاتبة أليسون جوبنيك: “لقد تطور البشر إلى حب يودا”!
كما نعلم، فالتطور يفسر كل شيء، فلماذا لا يفسر السبب في أن مشاهدي التلفزيون سيهتمون بشخصية كرتونية خيالية في مسلسل The Mandalorian! كل ما يلزمك هو بعض الموهبة في تخصص رواية القصص التطورية!
تقول الكاتبة في المقال (1):
“لماذا يحب المندلوريون (السكان الخيالين في المسلسل) وكل الإنترنت، الصغير يودا كثيراً؟ الجواب قد يخبرنا بشيء عميق عن التطور البشري” عميق حقاً!! هنا يأتي الاقتباس من ورقة علمية حديثة حتى يكون كلامنا علمياً ورزيناً ونستطيع تذييل كلامنا بعبارة (أثبتت الدراسات).
تقول الكاتبة مستشهدة بالدراسة:
“في ورقة جديدة قادمة في الدراسات الفلسفية للجمعية الملكية، يجادل الدكتور هردي وجوديث بوركارت بأن التطور أدى إلى نشوء (تكيفات اجتماعية خاصة) عند الأطفال، حيث يتعين عليهم إقناع جميع مقدمي الرعاية الاختيارية (كالآباء) بحبهم .. تشير الدراسات إلى أن الأطفال يتمتعون بسمات جسدية تجذب الرعاية تلقائيًا – أوه، هذه العيون والرؤوس الكبيرة والخدود الممتلئة والأنوف الصغيرة – كل هذه السمات مبالغ فيها في “الصغير يوا” .. يعتقد الباحثان أن الخدود الممتلئة قد تكون مهمة بشكل خاص حيث أنها إشارة من الطفل إلى أنه يستحق الاستثمار فيه”
ويستطرد المقال “العلمي” قائلاً:
“تشير الدراسات إلى أن الأطفال الرضع يفهمون بالفعل عواطف ورغبات الآخرين ويتفاعلون معها. يجادل الباحثون أن هذه القدرات المبكرة للغاية للتعاون الاجتماعي والذكاء العاطفي قد تطورت للمساعدة في جذب رعاية الآباء”
وهكذا يا سادة، يفسر التطور لماذا نحب الأطفال! لأن الأطفال “فهموا قواعد اللعبة” وأدركوا بذكاءهم الاجتماعي والعاطفي أنهم لابد أن يطوروا عيوناً كبيرة وخدوداً ممتلئة.
لقد تطور الأطفال ليجذبوا الرعاية، بينما الكبار (الذين هم في الأصل صغار كذلك كبروا في السن) قد تطوروا ليمنحوا الرعاية للصغار الذين يخدعونهم! حكاية تطورية دائرية مثالية!
لماذا نحب الأطفال؟ لأننا تطورنا لنحب الأطفال
ولماذا للأطفال خدود ممتلئة؟ لأنهم تطوروا هكذا لكي نحبهم
وانتهى الأمر!
إذا كانت “نظرية علمية” لا يمكنها أن تحقق ما هو أفضل من التخمينات التي تلقى إلى قارئ الصحيفة العادي، فإن كلمة “أدلة عميقة” هي بالتأكيد الكلمة الخاطئة، بل حتى وصفها بالنظرية هو في حد ذاته أضحوكة.
ولا تتعجب عزيزي القارئ إن عملت أن ما قرأته أعلاه هو سمة مستقرة فيما يسمونه “علم النفس التطوري” فعن طريق سرد بضعة حكايات من هنا وهناك، يستطيع أي أحد أن يفسر أي سلوك بأي شكل كان، بل يفسر السلوك وعكسه باستخدام التطور. كل ما يلزمك هو بعض الخيال الواسع ونسب كل شئ للتطور.
يهمنا هنا أن نستدعي جملة فيلسوف العلوم كارل بوبر الشهيرة لكي نفهم لماذا نظرية التطور ليست نظرية علمية
“النظرية التي تفسر كل شئ، لا تفسر أي شئ”

أشرف قطب

حاصل على بكالوريوس العلوم في تخصص الكيمياء الحيوية من جامعة بنها في مصر، وماجستير العلوم في إدارة نظم المعلومات، وماجستير الإدارة في تخصص إدارة المعلومات، وماجستير العلوم في إدارة النظم الهندسية، من جامعة ليستر في بريطانيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى