هل انتقلت العقارب من المياة إلى اليابسة؟
منذ أشهر قليلة، نشرت دراسة جديدة احتلت عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم، تصف الدراسة ما تم تقديمه على أنها أقدم حفرية لعقرب تم اكتشافها على الإطلاق، وسارع التطوريون (كالعادة) إلى أن الحفرية تقدم أدلة “قاطعة” على تطور الحياة على الأرض! (1)
لكن، هل تدعم البيانات الموجودة في الدراسة استنتاجاتها النهائية الكبيرة؟
تعالوا لنرى كيف يصبح العلم رهينة لدى الرؤى التطورية، وكيف تصبح العقيدة التطورية جريمة في حق العلم نفسه!
دعونا نلقي نظرة أولاً على الحفرية المكتشفة!
الدراسة المذكورة هي لأندرو ويندروف من جامعة أوتيربين في أوهايو ومعاونيه، ونشرت في إحدى دوريات نيتشر. عنوان هذه الورقة هو “حفرية عقرب من العصر السيلوري ذات تشريح داخلي متحجر توضح الطريق المؤدي إلى الانتقال لليابسة” (2). تصف الدراسة عيّنتان من الحفريات المكتشفة في ولاية ويسكونسن ويبلغ عمرها 437 مليون عام!! هاتان الحفريتان هما لأقدم عقرب تم العثور عليه وله صفات مماثلة للغاية للعقارب الموجودة حالياً، بما في ذلك الأعضاء الداخلية – التي وجدت محفوظة في الحفرية – للجهاز الدوري والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي.
وكالعادة، تطايرت البيانات الصحفية لتعلن أن هذا دليل جديد وأكيد يوضح لنا انتقال طائفة “العنكبوتيات” من الحياة البحرية إلى الحياة البرية! حيث نشرت (سي إن إن) مقالاً ذكرت فيه
“هذا العقرب ما قبل التاريخ هو أول حيوان معروف قام بمغامرة الانتقال من البحر إلى البر” (3)
بينما احتفلت صحيفة (وول ستريت جورنال) بهذا العمل تحت عنوان
“هذا العقرب القديم يقدم أدلة على كيفية انتقال الحيوانات من البحر إلى الأرض”. (4)
بينما التعليق الناقد الوحيد نجده في دورية ساينس للعالم الشهير “بول سيلدن” المتخصص في دراسة طائفة العنكبوتيات فيما يتعلق بما إذا كانت هذه الحفرية قد عاشت في الماء أو على الأرض .. حيث يقول
“لسوء الحظ، لا يوجد في الحقيقة أي دليل على الإطلاق في الورقة لترجيح بيئة هذا الكائن بطريقة أو بأخرى.” (5)
تعالوا الآن لنرى كيف تتحكم الدوجما والإعلام في العلم!
من المفترض أن الورقة تشرح كيفية انتقال الحيوانات من المحيط إلى الأرض؟ وبدون هذا الادعاء التطوري الكبير ما كانت الورقة ستجد طريقها في الغالب إلى النشر في دورية رئيسية مثل نيتشر .. وبالتالي، لفرص أكبر بالطبع للمزيد من منح الأبحاث!
يذكر المؤلفون في المقدمة العديد من السمات التي قد تميز البيئة المائية من الأرضية في أحفوريات العقارب مثل وجود أو غياب وظائف التغذية التي تستخدم لإذابة الفريسة، أجهزة حساسة للمواد الكيميائية (البكتين)، وبعض الوظائف التنفسية كالخياشيم (Book Gills) .. المفاجأة أن هذه الحفرية لا تحتوي على أي شيء من هذه السمات، وبالتالي فلا يوجد أي شيء في هذه الحفريات يمكن أن يكون دليلاً على طريقة حياة هذا الكائن أو بيئته، وبالتالي، فلا يوجد أي شيء في بيانات الدراسة يشير إلى كيفية الانتقال المزعوم لهذا الكائن من البحر إلى الأرض!
بل إن الدراسة توثق بكل وضوح أن الأعضاء الداخلية المحفوظة للأجهزة الدورية والهضمية لا تختلف على الإطلاق عن الموجودة في العقارب الموجودة حالياً وعلى حالتها لم تتطور ولم تتحور لـ 437 مليون عام! وهذا يعني أن هذه السمات المتطابقة لا تخبرنا أي شيء عن أي تطور مزعوم ولا أي انتقال من البحر إلى اليابسة ولا يوجد في الحفرية أي شكل من الأشكال الوسيطة بين طريقة الحياة البحرية والبرية!
إذاً، ماذا تخبرنا هذه الدراسة؟
تخبرنا في الحقيقة أن العلم أصبح رهينة عند التطوريين، وأن كل ما يلزمك لتكون تطورياً ناجحاً هو أن تصنع بعض الادعاءات الكبيرة وأن تنشرها في ورقة في دورية شهيرة، حتى لو كانت دراستك خالية من أي دليل على هذا الادعاء .. يكفيك أن تكذب الكذبة، ثم تصدقها، ثم تصبح حقيقة علمية!